تؤدي زيادة الوزن إلى تغييرات جسدية كبيرة وخاصة داخل المفاصل، حيث تشير الأبحاث الجديدة إلى أن السمنة تعزز العوامل المسببة للالتهابات التي تؤدي إلى تفاقم التهاب المفاصل.
ففي دراسة جديدة نُشرت في مجلة Clinical and Translational Medicine، وجد باحثون من جامعة برمنغهام أن خلايا معينة في نسيج بطانة المفصل وتدعى (الغشاء الزليلي) لمرضى هشاشة العظام تتغير بشكل كبير بسبب العوامل المرتبطة بالسمنة.
كما أظهرت الأبحاث السابقة أن الأنسجة الدهنية التي تتغير بسبب الإصابة بالسمنة تفرز بروتينات تسمى السيتوكينات والأديبوكينات، والتي من المعروف أنها تعزز الالتهاب في جميع أنحاء الجسم.
وبالفعل لاحظت الدراسة المنشورة حديثًا أنه في الخلايا المأخوذة من الخزعات المفصلية المصابة بالتهاب، كانت البيئة الداخلية للمفصل نفسه مختلفة وذلك بسبب السمنة، مما يجعل الخلايا في المفصل عرضة لـ “التحول” إلى خلايا تعزز الالتهاب.
كما تؤثر السمنة سلبًا على الخلايا الليفية الزلالية، وهي خلايا جذعية تشارك في تنظيم سائل يعمل على تشحيم المفاصل، مما ينتج عنه إعادة تشفير هذه الخلايا إلى تلك التي تعزز الالتهاب داخل السائل المحيط بها.
ثم يبدأ الالتهاب في التأثير على المفصل بأكمله، مما يزيد من إفراز مواد كيميائية مثل CHI3L1 التي تؤدي إلى تدهور المفصل وتزيد من تطور الالتهاب.
والمثير للاهتمام هو أن الوزن لم يكن عامل التأثير على خلايا المفاصل الذي يؤدي إلى الالتهاب، فقد استخدم فريق البحث عينات من مجموعة من المفاصل بما في ذلك المفاصل الحاملة لوزن الجسم مثل الوركين والركبتين وكذلك اليدين لتحديد ما إذا كان الإجهاد البدني الإضافي على المفاصل الناتج عن السمنة هو السبب في ظهور السيتوكينات المؤيدة للالتهابات.
ووجدت النتائج أن هناك تأثيرات مستقلة للسمنة على المفاصل الحاملة وغير الحاملة لوزن الجسم، وأنه من بين 16 مريضًا يزيد مؤشر كتلة الجسم لديهم عن 30 ، لم يكن الوزن وحده مسؤولًا عن التغيرات الجزيئية في تلك المفاصل.
وتقدم هذه الدراسة دليلًا إضافيًا على أن التهاب المفاصل ليس مجرد “تآكل وتمزق” ، ولكنه نتيجة لتغيرات كيميائية حيوية معقدة ومتنوعة في المفصل.
كما يكشف هذا البحث أن السمنة يمكن أن تؤدي إلى تغير في خلايا بطانة المفصل وجعلها أكثر التهاباً، وأن هذه التغييرات تحدث ليس فقط في المفاصل الحاملة لوزن الجسم على غرار الركبة والوركين، ولكن أيضاً في المفاصل غير الحاملة للوزن مثل اليد.
وتعزز هذه النتائج بشكل كبير معرفة السبب وراء هشاشة العظام، واكتشاف علاجات أكثر فعالية في المستقبل.